العقل في القرآن و السنة

العقل في اللغة ورد في لسان العرب وفي مختار الصحاح بأنه الحجر والنهي وضد الحمق ،والرجل العاقل هو الجامع أمره ورأيه ،وسمي العقل عقلا لأنه صاحبه عن التورط في المهالك أو حبسه ، ويقال لفلان قلب عقول ولسان مسئول ، وقلب عقول أي فهم . وورد بأنه التثبيت في الأمور ،كما ورد بأنه (القلب)

وجاء في القاموس المحيط بأنه الدية والحصن والملجأ والقلب . ومن الألفاظ المرادفة للعقل :الحجر ،والنهي واللب والحلم والحجر.وقد وردة اللب بمعني القلب

العقل في القران لم يرد العقل في القران بصيغة الاسم ولكن ورد في تسع وأربعين آية بصيغة الفعل، مخاطبة أهل العقول وذوى الأحلام داعية للتفكر في الطبيعة والسموات والأرض ، والليل والنهار ، والرياح والسحاب والأمطار كما في قوله تعالي في سورة البقرة آية (146):{أن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون} أو التفكر في الحياة والموت كما في قوله في سورة المؤمنين آية(80):{وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون } أو التفكر في قدرة الله على خلقه {هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفي من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون} غافر(67)

وفي قصة اِبراهيم عليه السلام مع أصنام قومه في سورة الأنبياء الآيات (52-67):{ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله مالا ينفعكم شيئا ولا يضركم .أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون}

وأوضح الخالق بأن أدوات العقل في الانسان السوي تعتمد علي الحواس كما في قوله في سورة البقرة الآية(171):{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ألا دعاء ونداء،صم بكم عمي فهم لا يعقلون} الانسان لكي يعقل لابد له من ثلاث محاور:

الأول هو المعطيات التي يستقبلها بحواسه كالسمع والبصر والكلام والشم واللمس والتذوق والثاني هو المقارنة والتحليل، مقارنة بما هو مخزون أو معروف عنده من معلومات عن معطيات وما شابهها ثم تحليلها منطقيا للوصول للمحور الثالث وهو النتائج التي قد تكون باتخاذ رأى أو فعل.

وبالتالي فلكي يعقل الانسان لابد من وجود طرق للمدخلات (السمع والبصر) ومخزون من المعلومات ونتائجها السابقة (الذاكرة والمعرفة)

ومن ثم الربط بين ما هو جديد وما هو سابق أو ما شابهه للوصول للنتائج ، وقد يكون هذا سبب استعمال الفعل بدلا من الاسم لأن العقل هو نهاية لعدة متداخلات تبدأ مثلا بأن بري الاِنسان شيئا ،ويعلم بأنه نار فيتجنبه ولذلك وجب جمعها في صيغة الفعل الذي يشملها بأكملها.

ولو رجعنا بعض الآيات التي ورد فيها لفظ العقل كفعل ثم طبقنا ما ذكرناه كمثال:{ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماًء ويحيي بها الأرض بعد موتها أن في ذلك لآيات لقوم يعقلون }الروم(24)

فأن المولي عز وجل لفت نظرنا لنري البرق ،ونري المطر نازلا ثم نري كيف تتغير تلك الأرض الجرداء بسبب المطر خضراء وقارنها بما هو معروف من الموت والحياء فكأنها كانت ميتة فأحياها. وربط بين هذه المعطيات و المقارنة ليوصل المخاطب لنتيجة حتمية بأن هذا الأمر لابد له من خالق ...ولذلك لا تعقلون!. ونفس الآية ببساطة الطرح لمن ينظر للظاهرة أمامه يمكن أن تكون دعوة للتفكر عملياً لمن يعملون .كيف يحدث البرق علمياً؟ حتى الآن هنالك جدل علمي في تفسيره، وكيف ينزل المطر؟ وكيف تنبت البذور؟ أمور لم يجد لمعظمها تفسير علمي ألا في العصر الحديث وبعد أربعة عشر قرن، أي بأن نفس المعطيات والمقارنة مستمرة لكل من يعقل.

وبالتالي فأن أقرار المولى عز وجل بأن الصم والبكم والعمى لا يعقلون ينطبق على كل من لا يعمل ربط المعطيات ليعقلها.

هل الأحياء الأخرى تعقل؟

أن الآنسان نفسه يمكن أن يرى ويسمع ولا يعقل،كالطفل الذي ليست لديه خبرات ومعلومات كافية ليصل للنتائج المطلوبة. بل أن البالغين تتفاوت درجات عقلهم كما قال المولي عز وجل {أن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون}الحجرات(4).

ثم أن القران يقرر لنا ظاهرة واضحة بأن الأحياء تعقل بدرجات مختلفة ولكن لا نعرف تسبيحهم. ولا نعرف تسبيحهم، ولا نعرف لما تناطحت الأنعام، ولم حشرت الوحوش.

ولعل الدعوة العلمية التي وضعها المولى عز وجل في قول النملة لسليمان توازي جيش سليمان الفاتح داعياً لله سبحانه وتعالى:{حتى أذا أتو على وادى النمل قالت نملة أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون}النمل(18)

فكيف عرفت النملة هذا سليمان وليس جيش ملكة سبأ؟ ثم كيف عرفت بأنه أذا مر فوقهم سيحطمهم،وكيف خاطبت زميلاتها، بأي لغة،لغة مسموعة أو محسوسة كيميائية؟ ولابد أنها لغة مسموعة خلافاً لما يقال حديثاً في العلم، أذا أن سليمان عليه السلام سمعها!!!{فتبسم ضاحكاً من قولها....}النمل(19).

أي أنها عقلت ما هو جار ويمكن أن يحدث فأخذت حذرها. وهذا بخلاف كل من يقول أن الأِنسان متميز على بقية المخلوقات بالعقل.و لربما التميز في درجة العقل.

وصورة أخري يوردها القرآن فالهدهد يدعو ألي الله:{وتفقد الطير مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين.لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين. فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبا بنبأ يقتن. أني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم. وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون.ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون.الله لا أله ألا هو رب العرش العظيم }النمل(20-26).

فكيف عرف الهدهد سبأ؟ وكيف عقل بأنهم يسجدون للشمس من دون الله؟ وما أدراه بالشيطان؟ وكيف تعجب منهم لعدم سجودهم لله الخالق؟ وكيف الله وأنه لا اله ألا هو أذا لم يكن عاقلاً؟ بل هو أعقل من ملكة سبأ وقومها!!!

أليس هذا بدليل بأن بقية الأحياء تعقل وربما أعقل من بعض البشر!! و أذا علمنا أن النملة لا قلب لها ولا دماغ كما للبشر وأن الهدهد لا يملك قشرة المخ التي يقال أن بها مركز العقل بالأِنسان فأن هذا يفتح لنا المجال أوسع للبحث وللتأويل.

العقل في السنة

جاءت كلمة العقل أسماً في السنة، وحيث أن العقل كان فتنة لفئة المعتزلة وخاض فيه من خاض وذكرت فيه كثير من الأحاديث الضعيفة ألا أن هنالك أحاديث صحيحة في العقل. ففي صحيح مسلم (11) حديث الصحابي أبن عبد الله عن زيارة النبي صلي الله عليه وسلم له أثناء مرضه فيقول ( وأنا مريض لا أعقل) يريد أنه في غيبوبة.ثم يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فصب على من وضوئه فعقلت) أي عاد لوعيه دالاً بان بالعقل يفرق بين لا وعى الغيبوبة وفهم ووعى اليقظة.

ورد على لسان عبد الله بن أبي حبيبه في الموطأ"2-472" أنه قال Sad

وأنا يومئذ حديث السن، فمكثت حتى عقلت) مفرقا بالعقل الحداثة وسن الرشد.

المرأة والعقل

ورد في صحيح مسلم(2-83) والبخاري (1-83) بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة قائلا لهن (ناقصات عقل ودين) فتساءل من حوله قائلا Sad

لقد علمنا نقصان عقلهن فما بال دينهم).

ورغم أن العلماء قد ذهبوا أِلى أن نقصان العقل المعلوم لهم ما ورد في آية الدين لقوله تعالى :{ أن تضل أحداهما فتذكر أحداهما لأخرى} البقرة(282)ألا أن الشهادة حتى في الرجال في الزنا لا تقبل ألا من أربعة، ولم ينقص ذلك من عقلهم كما أن شهادة المرأة منفردة يؤخذ بها فيما يخص النساء كاستهلال الوليد. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال Sad

خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء)وواقع الحال في التفوق العلمي لكثير من النساء يناقض هذا التفسير رغم للرجل والمرأة من خصوصية وظيفية، والتفسير الذي لا يثير هذه التساؤلات بأن المعلوم لدى العرب حينها بأن عقل المرأة هو ديتها،وأن ديتها نصف دية الرجل،ألا أن الصياغ للحديث أذا أستبدل بكلمة الدية يبدو غريبا فالحديث عن المقدرات والمسؤوليات التي قد تدخل الجنة أو النار، أي لا يمكن استبدال (ناقصات عقل ودين) ب(ناقصات دية ودين). وأن نقصان العقل الذي يعقل صاحبه من التورط في المهالك أمر قد يكون عند كثر النساء وفي كثير من الأمور حيث العاطفة هي الغالبة عند المرأة ولو ترك الطلاق للمرأة فماذا كان سيحدث في المجتمع؟ ولكن نقصان العقل ليس للنساء فقط، فقد وصف المولى عز وجل من ينادون الرسول صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات بأن{أكثرهم لا يعقلون} فالعقل يزيد عند أولى الألباب وينقص عند عامة النساء، وينقص عند الأطفال رغم مقدراتهم في الذاكرة، فلا تعارض أذا في نقصان العقل فسيولوجيا مع ما خلقت له ولا ينقص من قدراتها شيء،فقد جعلت الجنة تحت أقدامها، وأخذ نصف الدين من أم المؤمنين،وكثيرات أمثالها.

ورغم ما ذكر من أحاديث صحيحة عن العقل ،ألا أننا في بحثنا لم تشر الأحاديث لأي موضع للعقل في جسم الانسان مباشرة.

جزاك الله خيرا ...
فقد ابنت واوفيت ..
نسال الله ان يرزقنا واياكم بالعلم النافع وان يهدينا بالعمل به ....

العقل في القرآن و السنة

العقل في القرآن و السنة

رد: العقل في القرآن و السنة